كان يكتب كل يوم رسالة .. يسلك طريق الجبل الوعر ليصل قمة الجرف .. يلفها و يزجها بزجاجة خمر البارحة و يرميها .. هو ساعي البريد الوحيد لتلك القرية التي قطعت الحرب أخبارها وغاب عنها شبابها فبقيت للعجائز والعذارى والأطفال .. يلف شوارع القرية كل صباح ويجمع الرسائل وفي المساء يفتحها وينظر فيها طويلا يشمها ويرسم شيئا في الورقة أمامه عن كل رسالة ، وحين ينتهي يفغو على عس النبيذ في عروقه ويصحو على فضول الضوء عند الصبح .. فيمضي الى البحر و يرميها له .. كان يرسلها إلى الله وكان يرسم له رائحة الرسائل ليرشده على أصحابها من انفاسهم .. لم يكن يقرأ ما كتب فيها بل يرسم ما فاح منها .. ويشفق من فعلته كلما فعل .. كان يعلم أن البحر برهانا على أن الله يبكي . والملح كفه التي تربت على أرواحنا. لذا نطهر بها كل جرح.
#ورد_الآن
___________________
Leave a Reply